ديوان : ممنوع اللمس

ممنوع اللمس

مصعب الرمادي

ممنوع اللمس

________________

الكتاب : ممنوع اللمس 

الكاتب : مصعب الرمادي
تاريخ الطبع : يونيو  2025م

حقوق الطبع والتأليف محفوظة للمؤلف
_______________________

إلى صديقتي النجمة البحرينية المتألقة / حلا الترك 

_________________________________

حلا الترك في هوليود
I
في الخليج، حيث يختلط العطر بالمسك، والمال بالحرارة، تتحرك الأجساد كقطع شطرنج على أرضية مخملية، ونجوم الفن تلمع كقطع معدنية تحت ضوء الفلاش، كل لمسة محسوبة، كل عناق مشحون بالتهكم، واللغة هنا لغة الصمت الجسدي، لغة الشهوة التي تلهث خلف النجومية، بينما حلا الترك تنتظر رحيل الطفولة من عينيها، لتفتح الباب على حواس العالم كلها، لا على المنامة وحدها، بل على كل مسارح هوليود.

II

في حواري وشوارع القضارف الجديدة، عند آيسكريم التركي في شارع المطافي، تلتقي الأرواح بلا قيود، ترتطم بالأجساد التي تعرف الجوع واللذة معًا، وعند حديقة القضارف العامة، تصير الأنفاس ثقيلة، والتلامس أمر مستحيل إلا بموافقة الطبيعة، كل مسافة صغيرة بين المارة تتحول إلى شهوة خفية، والفضول يشعل الحواس، كأن حلا الترك نفسها تشاهد هذه المشاهد عن بعد، تتعلم، تمتص، ثم تُحوّل إلى فن.

III

في بيت العود بالقضارف، يُغني موسيقيون من طبقة المخمل، لكن الأصوات هنا تتشابك مع الرغبات الغريزية، الغناء يصبح أداة للمس والالتصاق، والجلوس على الكراسي يجمع بين التعارف والشهوة المبطنة، كل لمسة على أوتار العود كأنها جرح صغير على البشرة، وحلا الترك، الآن في هوليود، تتذكر كل هذه الحواس، وتُعيد تركيبها في الكاميرا الكبيرة، حيث الضوء يتحول إلى حرارة، والصمت يتحول إلى لغة الجسد.

IV

في دار اتحاد الفنانين ولجنة المصنفات الفنية بالإذاعة والتلفزيون، تُقاس النجومية بمقدار السيطرة على الصورة، وعلى الرغبة التي تبعثها كل أغنية، كل كلمة تتحول إلى فحص نفسي، كل نظرة تصبح تحليلًا لغرائز الآخرين، والملامسة ممنوعة بلا إذن، لكن الشهوة لا تنتظر إذنًا، وحلا الترك تتعلم هنا أن العاطفة اللاهبة لا تكفي، يجب أن تكون مُتقنة، مُراقَبة، مُستثمَرة.

V

على خشبة مسرح القضارف، تتحرك الأجساد بخفة وحركة، الرغبة مختبئة خلف البقع الضوئية، والتلامس محدود لكنه أقوى من أي تصادم، الجمهور يتنفس مع كل غمزة، وكل تمايل في الأغنية يصبح دليلاً على الشهوة الجماعية، وحلا الترك، في هوليود، تلتقط هذه الطاقة، تحوّلها إلى كاميرات، أضواء، ميكروفونات، كل شيء هنا يتحول إلى تحليل نفسي لموجة الشغف الحيواني.

VI

الشهوانية ليست هنا مجرد رغبة جسدية، بل فن اجتماعي، كل نظرة، كل يد تقترب، كل احتكاك بسيط يقرأه الجميع، وفي الخليج، تلتقي السلطة بالجسد، المال بالرغبة، والطفولة بالشهرة، وحلا الترك تتعلم أن الصوت يمكن أن يكون جسدًا، والرقص يمكن أن يكون لمسة، وأن كل أغنية يمكن أن تكون اختبارًا حيًا للغريزة البشرية المكبوتة.

VII

في هوليود، كل خطوة على السجادة الحمراء، كل ضحكة، كل مسحة شعر، تصبح دراسة عاطفية، تجربة نفسية، اختبارًا للقدرة على السيطرة على شهوة الجماهير، حلا الترك، النجمة الصغيرة، تتلقى هذا الدرس بعينين مفتوحتين، تتعلم كيف تخلق الاحتكاك دون أن تلمس، كيف تصنع الالتصاق بلا تماس مباشر، وكيف تبقي الغريزة مشتعلة بلا حرق النفس.

VIII

في الخليج العربي، الشهوة مُعَلَّبة، مُقدَّمة في حفلات خاصة، مقاهي مخملية، شوارع مضاءة، كل مسافة صغيرة بين الجسد والجسد تتحول إلى فضاء تحليلي، وكل لمسة ممنوعة تصبح أكثر لذة، وحلا الترك تراقب كل هذا عن بعد، تتعلم علم النفس الحيواني للحب، العاطفة، الشهوة، وتحوّل هذه التجربة إلى أغنية، إلى نص، إلى أداء حي ينبض بالغريزة المكبوتة.

IX

في القضارف، حيث تلتقي الحياة اليومية بالفن، تُظهر الشوارع والجدران أن الالتصاق الإنساني هو لغة، واللمس هو خطاب، والحواس كلها مشغولة بالتحليل النفسي للآخر، وحلا الترك، في هوليود، تحوّل كل هذا إلى أداء، كل هزة جسم تصبح رسالة، كل نظرة تصبح أغنية، وكل مسافة محسوبة تتحول إلى متعة مكثفة، متفجرة، لا تترك مجالًا للملل.

X

التحليل النفسي هنا ليس أكاديميًا فقط، بل جسدي، حسّي، ملموس، شهواني، كل لقاء بين الناس يصبح اختبارًا للغريزة، للحركة، للتصادم بين الرغبة والرقابة، وحلا الترك، في كل أغنية، تضع هذه التجربة على الميكروفون، تحوّلها إلى أداء بصري وصوتي، تدرس النفس البشرية من خلال الموسيقى، ومن خلال المتعة، ومن خلال الالتصاق المحظور.

XI

في الخليج وهوليود، تتقاطع الطبيعة البشرية مع الشهرة والفن، كل لمسة ممنوعة تُحَرِّك الدم، كل عناق مختصر يخلق توترًا، كل نظرة ساخنة تحلل الرغبة المكبوتة، وحلا الترك تتقن هذه اللغة، تتعلم كيف تجعل الجمهور يشعر بلا تماس، كيف تحوّل الغريزة إلى فن، والفن إلى تجربة تحليلية، تجربة حسية، تجربة نفسية علمية.

XII

الشهوة هنا ليست فردية، بل مجتمعية، ثقافية، اقتصادية، فنية، كل تصرف على خشبة مسرح أو في حفلة أو في فيديو كليب هو اختبار للالتصاق، للملاحظة، للتحكم في الرغبة، وحلا الترك، بين المنامة، الخليج، والقضارف، بين هوليود، الكاميرات، والجمهور، تتحول إلى رمز لهذه التجربة المركبة، متفجرة، لاذعة، متوترة بلا توقف.

XIII

ها هي حلا الترك، نجمة البحرين، طفلة الخليج، متعلمة الشوارع، متمرسة هوليود، تغني للعالم كله عن المس الممنوع، الالتصاق اللاهث، الشهوة المكبوتة، الرغبة المستمرة، أغنياتها نصوص نفسية وعلمية، متفجرة، حسيّة، متوترة، ساخرة، تهكمية، تقول: "زهقانة وما أكل السبع، وكل لمسة تُدرس في المختبر الداخلي للقلب، والدماغ، والجسد معًا"، وتترك العالم يتلمس كل ما لم يُسمح له أن يلمسه، متعة مكثفة، متفجرة، مشتعلة بلا نهاية.


_

يونيو 2025م

حي الخليج  - القضارف 

تعليقات

المشاركات الشائعة