ديوان : مزامير ليلى

مزاميرُ ليلى 

مصعب الرمادي
 

مزاميرُ ليلى

____________ 

الكتاب : مزامير ليلى  

الكاتب : مصعب الرمادي

تاريخ الطبع : أبريل 2022م

حقوق الطبع والتأليف محفوظة للمؤلف  

___________________ 

القلب مصحف البصر " "

مثل عربي
____________________________
*إلى صديقتي النجمة المصرية المتألقة / ليلى علوي

___________________________________

أنفٌ وثلاث عيون

كسلىَّ
تنهضُ " ليلى" من نومِها
تفصلُ الحلمَ عنها
لتدخلَ واقعَ يومٍ جديدْ !.
...
إن طقساً رقيقاً سيندلعُ ألان
عالماً من فتنتهٍ ورواءٍ
سيدخل بابَ المضافة تواً
سيخلعُ قبقابهَا عند ركنِ الرواق
ثم يعبرُ إلى حالِه سالماً !

من عينِة الثالثةْ
كان يفتحُ – للعـالمِ ثُقباً صغيراً
يرصدُ فيه سيدةَ القلبِ
وهي ترفعُ عنها الغطاءَ ؛
تتمرغُ في صوتِها العذبِ،
تدنوُ من سرهِا السهلِ؛
تدسُ يديهَا تحتَ حريرِ الوسادةِ
وتذهبُ مشبوقةً لحفيف النعاس
 "كانت "الغيمةُ" موشكةً أن تحطَ عليها
ولكنها أومأتْ بغتةً لغزالِ هواها فإستدّلت عليه " !.

يصهلُ الوقتُ من ساعةِ الرملِ
تستبدُ به رغبةٌ في أن يغِّيبَ أحلامُه
عند غابـةَ إصغِاءه ويغيبَ طويلا هُناك .
(كم ستسكُن بيت الكلام جمالاً
وكم ستبطشُ بمفردها وقنينة العطر
فترفو بي عجائبها المستحيلةْ ).
عند هذا الحُضور المؤنثِ :ينثالُ حُلو الكلامِ عليه ،
ألوردُ يذهبُ – وراءَ خُصاصِ النوافذِ لنعاسٍ خفيفٍ
والطلُ يُلقي مباهِجُه في الأقاحِ ويفعلُ في نفسهِ الأفاعيلْ !!

صار له ألانَ أن يرّفعَ عقيرته بالغناءِ
إن يأخذَ الشوق تحت إبطيه ويمضي :
ما يزال الهوى بخيرٍ والشذى ملء أوداجِه – يتنهدْ
والصباحُ –إن لم ُتخنه البصيرةُ –راح يوقعُ إمضاءه
خلف السدوفِ السميكةِ
والكلامُ يضيقُ عن البوحِ إن هي قالتْ
ورويداَ رويداً يحط الستار، اذ يُغطي المكان حنين الكمان
حين تترك أسرارها للنهار وتنهضْ .

تتخيلُ :
(أن الهواءَ محفةَ شوكٍ
وقد أوقدَّ الشمعُ فيه الأصابع
وان السماءَ ستدخلُ تواً خباءَ يديها
وتقضمُ تفاحةَ هدائتها كيف شاءت) !
 لذلك باتَ يخبئُ أعصابه في ثنايا الدقائق
يُقسمُ أوطاره في المدى بالتساوي
مغبةَ أن تخطفَ نحلةَ ذهبيةً رحيق بساتينها
أو يقتفي إثرها عاشقٌ تورَّطَ في الشوقِ
فشفَّ زُجاجُ الرهافةِ فيه وطارْ !
كتوماً كان يحملُ عبئاً ثقيلاً علي صدره
يبصرُ كل المرائي وقد أقبلتْ تستغيثُ به
من شِدة الهولِ
فهّيا أعِينِيهِ علي أن يثُوبَ إلى رُشدِه
أعيدِي له عقله ليشرحَ
كيف إحتشتديِّ قبالة أحلامه المستحيلة فرأى :
(إحدى عشر كوكباً تدور عليه
كيف قضى ألفُ ليلةٍ من الحنينِ البدائي
والثواني ينُقرن على ليله
وينزفنَ جمالاً من الساعة الحائطية ! )

دائما تكونُ الظلالُ مشردةً في المعانيِّ
هاربةً من يديه حتى حقول الحنان
وتكونُ الخضرةُ حافلةً بالرموزِ الغنيةِ
حينا تلمسها زخةُ الماءِ فيشهقُ ملمسُها الناعمِ
ويفتكُُ النورُ بما قد تبقى
انه يَحلمُ "بالقيامةِ" خارجة الآن من حمِامها
صاهلةً بأقاصي الهوى والحنين
عند ذلك الحد يجوزُ له
أن يموتَ ويحيا ألف مره
وهي مشغولةً بالجسد المثقلِ بالثمار الغريبة
في مهرجانِ القصائدِ والعصافيرْ !.

آه يا سيدتي لستُ أولَ من قادَ صوتكِ إلى نشوة النبعِ
إن يدا دافئةً سوفَ تهمسُ بالنزواتِ العجولةِ يوماً
سوف تقطفُ وردة حمراء من حديقة احلامك
سوف تقرأ ذاكرةً وعيوناً وتنهبُ كل هذي الكنوز !.
...
هاهي ألآن تفرُ من كل ذلك
تتهادى على البهو هادئةً
تمنح احلامها لبليل المشاعرِ والأُمنيات
وبنفس الجراح التي أورثتها القناديل
تدخل مرآتها تتناسل صوراً مكسورة الظل
تسوي شعرها في دلالٍ فيسبح العاشق بقدرة الله !
...
من عينهِ الثالثة
كان يُنشئُ علاقاتٍ لا اصل لها
بالشوارعِ والأرصفه،
إذ تتركُ الوقتَ منه يمضيِّ وتستفيق شيئاً فشيئا
لتضع الأسرةَ في "جلسةِ الشايِّ "
تأخذُ حِصَّتهَا من الألفةِ والاكتمالِ الجميلِ

أو تتذكرْ :
(كيفَ تستقبلُ معه موعدها في المساءِ ،
كيفَ تتركُ ساعده يستديرُ عليها قليلاً ،
وكيف تنمحُ الأكاذيبَ معنا جديداً
يشبهُ لحناً قريباً حينَ تسألها أمُها : إلي أينْ ؟
فتُبهتُ بالردِ لغو النساءِ وانسَ الصديقةْ
ثَّم تبدو مراهقةً قدرَ ما تستطيعْ
لكي لا يصادرها الحزنَ
أو تتصيدَ سهامُ الوشاةِ غزالَ هواها )!.
...
هي الآن تنصبُ خُططاً مُحكمةً لوقائعِ اليومِ
لما سوفَ تصطادهُ من حنينِ وذكرىَّ
سوف تثرثرُ مع الصديقات
في أحاديث تافهةٍ وحميمة ،
عن شئون الودادِ الصغيرة
سوف تصفه بما ليس فيه
وسوف تملأ هذا الفراغ جمالاً
كم ستصنع له أخيلةً وتخفي عنه العيوب !
وكم سيبدو ذلك مبهجاً ومثيراً
للتنصلِ من كل شيء
لإعدادِ قهوةِ التيهِ ،وتبادلِ الزياراتِ
عندها ستجرب للمرة الألف
كيف تضلل وجهته
بالنار التي ستلهبُ أطرافها كالحريق
وتوجه خطواته التاهةُ كما البوصلة
...
وسوف تضحك في سرها
للنظام الذي يتلف الكون
للخواء الذي يرشده عكس ما يشتهي
للذي لا يثورُ إلا لماماً ويهمدْ
للذي قد تراه فتند عنه يداً مبسوطةٌ
على الناس ،وتستره قبضةٌ مطبقه !.
...
إنها ألان تُحكم إغلاق حقيبتها
مثل ما تُحكم إخفاء حقيقتها
مثل ما يتعرفُ صمت الغريب عليها
إن سراً دفيناً سيزللُ فرائصها ذات يوماً
سيتركونها قاب قوسين من الحلم
فيصحو مصادراً أمام الجميع
تطارده غَيْرَةُ العاذل،
وتمضُغهُ الأعيّنُ الناهشهْ !.
...
تحت هذه الظروف الغريبة
يشتعل الحزن مثل القذيفة
ينشأُ الحبُ خائفاً وطريداً
يتكسرُ على كوكبِ الرضَا والقناعةِ
ويسقطُ مقتولاً بقيودِ التقاليد
محاطاً بالمخاوفِ والظنونْ
ومتعقباً أزلياً من رجال القبيلة !!!
...
هنا ستذكرُ قطيعَ الذكور
الذين لاحقوها في الممرِ الطويلِ
الذين طَوقُّوا عمرهَا بالرماد
وقالوا قولة الرفض والبعد
هم الآن يقفونَ مثل التماثيلِ على خدرها
يتلون أسمائهم على دمعة الذكرى ويختلفون :
على أي تعقبها أولاً ،
أي أراها لذعة الأنثى كما ولدتها أمها
وستذكر من الكلمات الكذوبة كل التي
تثرثر في كل شيء ، ولا تقول شيئاً !.
وستذكرُ الحماقات والطيش والوهم
النهار الذي أبقى على مغامرته والليلْ
خلع عنها الكلامُ المكدسِ في الهمس
وقذفها _ بعد لأيٍ_ كقشرة موزٍ عاريه !.
...
أن شيئاً من الزهو سينصبُ خيمتهُ عليها
سيلقى متاعبه عندها ويمضي غريباً
صوبَ معاقلَ أسرارها النائمةْ !.
هُنـا : ستتركُ له شرفةَ القلبِ مفتوحةً
ليجربَ لعُبةَ الحبِ والموتِ
لتنهمر الشائعات عليها تماماً
وسيدرك كم دمعةً سيزرفها
من حرقة القرب والنأي
وكم أغنية ستغتاله في الصميم ؛
إن هي جاءت تلملم أطرافها
وقد تتجددُ فيه المواجدُ
وتدخله إلي بهاء اللحظة المترفةْ !.

ولسوف تبدي حنينا عاصفاً
لتسلق أسوار عزلته
للتحرر من شكها
لليقين الذي يغلق عنها المسالك
بسلطانها علي الطيرِ والريحِ و الأجنحةْ
للتوهجِ "كالنارِ" و "التجددِ "كالماء"
حين تدني ساعديهَا لفضاءٍ رحيبٍ
لتركضَ في المطرِ مغرورةٍ حافيةْ:

(أن الحياةَ سلسةٌ من التحررِ
من سطوةِ الآخرين ،
إن الحياة قصيرة! ) .

هو الآن يخلعُ القلبَ ممّا لا يُريدْ
يدسُ العصافيرَ فى حدائقِ الوردِ
لئلا يقولون عنه بخيلٌ
وقد يتسامى كثيرا فوقَ جراحاتهِ
خشيةَ أنْ تراقُبه نجمةٌ عالقةٌ
في سماءِ الحبيبةِ ؛
أو تضلل أوهامهُ فتنةُ الجاذبية!

في الصباح تتركُ البيتَ … وتخرجْ
توقظ "ليلى" عصوراً من الفتنةِ والأسر
وعند نصفَ المسافة : يلتقيها
واقفةً علي شرفةِ القلبِ والعمرِ
تتنّكبُ دروب الحياة العصية
تضيءُّ الضلوعَ فيه
تبحثُ عنه قريبا_ غريباً
ويبحثُ عنها معتمةً ومضيئة!.


___

يتبع

______

ديسمبر 2019م

النادي القبطي -  الخرطوم 

تعليقات

المشاركات الشائعة